مقدمة كتاب المواضيع الاجتماعية

للكاتب عبد الله خمّار

 

أعتذر إلى القارىء الكريم عن تأخر صدور كتاب "المواضيع" الذي كان معداً للطبع منذ سنوات، ولأسباب تتعلق بصعوبة النشر والتوزيع في هذه المرحلة، ارتأيت أن أقدمه في إصدار خاص بالأنترنيت لأتم به سلسلة "تقنيات الدراسة في الرواية" التي صدر منها حتى الآن جزآن هما: "الشخصية" و"العلاقات الإنسانيّة". ولاتساع مواضيع هذا الكتاب تقرّر أن تخصص الأجزاء الثلاثة الباقية من السلسلة له، فيتضمن هذا الجزء "المواضيع الاجتماعية" على أن يتبع بالجزئين التاليين: "مواضيع الحرية وحقوق الإنسان" ثم "المواضيع الثقافية".

إنَّ من أهم أهداف هذه السلسلة إعادة النظر في دور المكتبة المدرسية ودور المطالعة عموماً بجعلها تدخل في نطاق العمليّة التعليميّة نفسها بدل كونها مساندة ومدعّمة لهذه العمليّة.وما لم تصبح المكتبة جزءاً لا يتجزأ من عملية التعليم ومناهجه وبرامجه، فإنها تبقى بعيدة عن معظم الأساتذة بله التلاميذ المتشبثين بالكتاب المدرسي وحده مهما أسهبنا في ذكر مآثر المطالعة وتعداد مناقبها. ولا يتمّ ذلك إلاّ بتحويل الكتاب المدرسي من كتاب مقدّس أوحد يجب على الأستاذ التقيّد به وعلى التلميذ استظهاره إلى دليل فهارس لأهم الكتب التي يقترحها الأستاذ ويطالعها التلميذ. ويتطلب ذلك إعادة النظر أيضاً في طرق الامتحانات التي تعتمد أسئلة الكتاب المدرسي وحده.

أليس مفيداً وممتعاً في الوقت نفسه أن يدرس التلاميذ منهجاً يهتمّ بمحتوى الرواية بصرف النظر عن  تصنيف أساليبها كلاسيكية كانت أو رومانسية أو رمزية أو واقعية أو حداثيّة ؟ فكلها تتضمّن شخصيات وعلاقات ومواضيع. وكم هو جميل ومفيد أن يستفيد التلاميذ من التراكم الروائي في القرون الأخيرة فيدرسوا بالعربية رواية إنجليزية مترجمة من القرن السابع عشر في قسم واحد مع رواية جزائرية من القرن الواحد والعشرين، ورواية مصرية ريفية مع رواية فرنسية مدنية، ورواية روسية اشتراكية مع رواية أمريكية رأسمالية.

سيرون في كل هذا نماذج مختلفة من الشخصيات، وجوانب متنوعة من العلاقات، وكمّاً هائلاً من المواضيع. ويلمحون بعض التشابه في نماذج الشخصيات، في قوتها وضعفها وميولها الخيّرة أو الشريرة، وطموحاتها وأطماعها، وشجاعتها وجبنها، وتضحياتها وأنانيتها، فالطبائع البشرية هي نفسها في كل زمان ومكان. والعلاقات تتغير طبيعتها في المجتمعات، فعلاقات المجتمع الريفي الزراعي تختلف عن علاقات المجتمع المدني الصناعي. ولكن الأساس يبقى واحداً: الاحترام المتبادل والثقة والتعاون والمودة في العلاقات الناجحة، والاستعباد والاستغلال والتعالي والغش والخيانة في العلاقات المختلة. وأما المواضيع الأساسية السياسية والاجتماعية والفلسفية فهي نفسها في كل العصور، ويضاف إليها في كل عصر مواضيع جديدة نتجت عن تطور الوسائل وتعقد العلاقات كمواضيع غزو الفضاء والإنسان الآلي في عصرنا هذا.

وبقدر ما تعرّف الرواية التلميذ بوطنه وأرضه وشعبه وتجعله أشد تمسكاً بقيمه الأصيلة دونما تعصب وتزيد ألفته بسكان حيه ومنطقته ومدينته وفهمه للأشخاص المحيطين به وأساليب تفكيرهم وعلاقاتهم، بقدر ما تعمق فهمه بالشعوب الأخرى وبتاريخها وحضاراتها وتجعله أكثر تسامحاً وتقبلاً للتعايش السلمي بين الشعوب، ونبذ الحروب ودعاتها ما لم تكن دفاعاً عن أرض أو عرض.

أملي وأنا أقدم هذا الإصدار الخاص بالأنترنيت أن يستفيد منه الأساتذة والطلاب، وأن يجد طريقه إلى المطبعة قريباً.

                                   والله ولي التوفيق

                                                                     المؤلف 

 للاطلاع على فصول الكتاب كاملة، انقر هنا: المواضيع الاجتماعيّة